مع مرور الوقت تتكشف حقيقة الأطماع الصهيونية - الأمريكية فى موقع فلسطين وثرواتها وخاصة فى غزة بعدما تم إكتشاف كميات كبيرة من الغاز على أراضيها ، وعندما أعلنت أمريكا إقامة ميناء بحرى على شاطئ غزة بزعم تسهيل دخول المساعدات الإنسانية لأهالى غزة ، وجدنا ترحيب من إسرائيل بذلك رغم أنها دائما ما ترفض دخول أى مساعدات لأهالى غزة تحت أى ظرف وبأى طريقة ، وشرعت أمريكا عملياً بإحتلال الواجهة البحرية لغزة عبر إرسالها ٤ سفن عسكرية لبناء ميناء بحرى إصطناعى مؤقت كمرحلة أولى للمساعدات الإنسانية ، وذلك كتمويه عن المهمة الحقيقية وهى إحتلال ساحل غزة بموافقة وتنسيق تام مع تل ابيب ، ويوجد مخطط سرى أمريكى لتهجير المدنيين الفلسطنيين من ساحل غزة عبر نقلهم إلى صحراء النقب ، وقد تم تداول أنباء عن سعى إسرائيل إلى إبرام صفقات مع شركات عالمية للتنقيب عن الغاز فى حقل " غزة ماربين" ، وبالفعل منحت وزارة الطاقة الإسرائيلية تراخيص لستة منشأت إسرائيلية وشركات عالمية للتنقيب الإستكشافى عن الغاز الطبيعى فى المناطق التى تعتبر بموجب القانون الدولى مناطق بحرية فلسطينية ، كما تم الإعلان عن مشروع خط مواصلات يربط الهند بأوربا يبدأ من دبى مروراً بالسعودية والأردن وصولاً إلى فلسطين المحتلة ، وأعلنت أمريكا عنه فى قمة الثمانية ، وأعادت أمريكا إحياء مشروع شق قناة بن غريون ، والتى ستربط إيلات على البحر الأحمر مع قطاع غزة على البحر الأبيض ، ومخطط أن تصبح أعرض وأعمق من قناة السويس ، وأن تكون ذات مسارين منفصلين ومتوازيين ، وستصبح صالحة لعبور أضخم السفن ، وسيتم إقامة الفنادق والمنتجعات السياحية والمدن على جانبيها ، وسيتم جلب الشركات عابرة القارات وإنشاء مناطق إقتصادية حرة مما سيوفر بدائل مريحة للمتهربين من الضرائب والباحثين عن الثروات الحرام ، حيث ستمنح قناة بن غريون للصهاينة السيطرة على أهم نقاط الشحن فى العالم ، مما يزيد هيمنة تل أبيب على جيرانها العرب فى المنطقة وأهم مناطق الشحن فى العالم ، فى محاولة من إسرائيل لحرمان مصر من أهم مواردها وهى قناة السويس ،
وإزاء كل ذلك نجد الولايات المتحدة الأمريكية تساند إسرائيل فى كل ما تفعله لدرجة أنها تساندها حالياً فى حرب الإبادة الجماعية والمجازر التى تقوم بها إسرائيل ضد المدنيين الفلسطينيين ، ويذكر أن أمريكا أول من إعترف بإسرائيل كدولة مستقلة عقب بيان الإعتراف بإعلان دولة إسرائيل مباشرة فى 14مايو 1948 ، وتأسست العلاقات الدبلوماسية فى 28 مارس 1949 ، ومنذ ذلك الوقت أخذت أمريكا على عاتقها تقديم كافة الدعم المادى والعسكرى لإسرائيل فى صراعها مع الدول العربية ، وتحقيق أحلامها التوسعية فى إقامة دولتها الممتدة من النيل إلى الفرات وفقاً للخريطة الموجودة على حوائط الكنيست الإسرائيلى ، وتعد إسرائيل أكبر متلقى للمساعدات الخارجية الأمريكية ، والارقام لا تكذب حيث بلغت المساعدات الإجمالية المقدمة من الولايات المتحدة لإسرائيل فيما بين عامى 1946 ، 2023 نحو 158.6 مليار دولار ، وغالبية المساعدات الأمريكية لإسرائيل تذهب الى القطاع العسكرى حيث بلغت المساعدات الامريكية العسكرية خلال الفترة من 1946 وحتى 2023 نحو 114.4 مليار دولار ، بالإضافة إلى 9.9 مليار دولار للدفاع الصاروخى ، ويعكس حجم الدعم السياسى ومساعدات الخارجية الامريكية مقدار الإهتمام الذى توليه الإدارات الأمريكية المتعاقبة لتثبيت وجود إسرائيل كدولة إحتلال فى الشرق الاوسط ، بما يحقق مصالحهما ، وعقب عملية طوفان الاقصى كان الرد الأمريكى سريعاً و متعدد الأوجه ، حيث بدأ بتأكيد الدعم السياسى لإسرائيل ، ومنحها الضوء الأخضر لإحتلال غزة ، وتقديم مساعدات عسكرية كبيرة ومتنوعة وإعادة إنتشار القطع البحرية وحاملات طائرات لردع أى أطراف أخرى تحاول الإنخراط فى الصراع دفاعاً عن فلسطين ، بالإضافة إلى الغطاء الدبلوماسى الذى وفرته واشنطن لتل ابيب فى المحافل الدولية ، وبرز السلوك السياسى التضامنى الأقوى من خلال الزيارات التى أجراها المسئولون الأمريكيون بصورة متكررة لإسرائيل خاصة الرئيس الامريكى الذى طار إلى تل ابيب بعد 10 أيام من بداية عملية طوفان الأقصى ، وشملت الزيارات المتكررة لمسئولين أمريكيين مشاركة عدد منهم إجتماعات الحكومة الأسرائيلية ومجلس وزراء الحرب بينهم الرئيس الأمريكى نفسه ووزير دفاعه ووزير خارجيته ، وخلال زيارته لإسرائيل أعاد بايدن التأكيد على تلبية إحتياجات إسرائيل والطلب من الكونجرس تقديم حزمة دعم غير مسبوق لتل ابيب ، وتزامن مع ذلك وصول أكبر حاملات للطائرات الأمريكية إلى مياه البحر المتوسط .
وهذا يجعلنا نقول أن حرب غزة ليست صراعاً عسكرياً فقط ، ولكنها ذات أبعاد إقتصادية وسياسية أيضا ، وذلك لتمكين إسرائيل من السيطرة الكاملة على أراضى غزة وثرواتها لإستغلالها بما يحقق مصالحهم ، وذلك فى إطار خطة صهيو-أمريكية للسيطرة على منطقة الشرق الأوسط .